Page 150 - web
P. 150

‫مقالات وآراء‬

‫إضافة إلى الارتفاع القياسي لأسعار الطاقة عالمًّيّ ا‪ ،‬وتدمير‬  ‫من المكاسب التي يجنيها القراصنة الصوماليون‪ ،‬مقابل‬
‫الاقتصاد الأوروبي والعالمي‪ ،‬وإيجاد بيئة ثرية لنمو الجماعات‬   ‫منحهم حرية العمل قرب السواحل الصومالية‪ .‬ونتيجة‬
‫والفصائل الإرهابية في مناطق عدة‪ ،‬منها جنوب الجزيرة‬           ‫لتمدد أنشطة القراصنة في هذه المنطقة أصدر مجلس‬
                                                             ‫الأمن الدولي عدة قرارات مهمة خلال العقدين الماضيين‪،‬‬
                        ‫العربية‪ ،‬ومنطقة القرن الإفريقي‪.‬‬      ‫من ضمنها القرار ذو الرقم (‪ )1816‬الذي يطالب فيه الدول‬
                                                             ‫والمنظمات المختلفة بإرسال قوات بحرية إلى المياه‬
                                      ‫جهود حميدة‬             ‫المحاذية لسواحل الصومال وامتداداتها غرب المحيط‬
‫شهدت منطقُُة البحر الأحمر وباب المندب تعقيدات‬
‫متزايدة في الأعوام الماضية‪ ،‬دفعت المنظمات الدولية‬                                        ‫الهندي للتصِ ِّدي لتلك الجرائم‪.‬‬
‫المعنية لاتخاذ سلسلٍ ٍة من القرارات لمكافحة جرائم‬
‫القرصنة والإرهاب في أحد أهم الممرات المائية في‬                                                    ‫تداعيات سلبية‬
‫العالم؛ إذ أصدر مجلس الأمن الدولي عدًًدا من القرارات‬
‫المهمة‪ ،‬منها‪ :‬القرارات ذات الأرقام‪ ،)1816( :‬و(‪،)1838‬‬         ‫إن ضمان سلامة الملاحة البحرية في مضيق باب المندب‬
‫و(‪ ،)1844‬و(‪ ،)1851‬و(‪ ،)1918‬و(‪)2442‬؛ التي زَّوَ دت الدول‬      ‫بات يحظى باهتماماٍ ٍت إقليمية ودولية كبيرة؛ إذ أصبح‬
                                                             ‫المضيق الذي يقع بين شبه الجزيرة العربية ومنطقة القرن‬
               ‫بأدوات مختلفة للتعامل مع هذه الجرائم‪.‬‬         ‫الإفريقي الممتلئة بالصراعات؛ ساحًًة للتنافس الإقليمي‪،‬‬
‫ومع أهمية تلك القرارات الهادفة إلى تقويض القرصنة‬             ‫ونقطََة بداية لانطلاق أعمال القرصنة والاتجار بالبشر‬
‫والأعمال الإرهابية ومكافحتها‪ ،‬لم تغب فكرة الجاهزية‬
‫العسكرية لأي تهديدات محتملة كإجراء التدريبات‪،‬‬                                                                ‫والإرهاب‪.‬‬
                                                             ‫وقد تعرضت الكثير من السفن على اختلاف جنسياتها‬
                                                             ‫لهجمات وتهديدات مِّ ِطردة في السنوات القليلة الماضية‪،‬‬
                                                             ‫منها ما شهدته شحنات نفط أرامكو السعودية عام‬
                                                             ‫‪ 2018‬في أثناء عبورها للمضيق؛ حيث اسُُتخدمت الدول‬
                                                             ‫المطَّلَ ة على البحر الأحمر كــ «الصومال» و«اليمن» ملاًًذا‬
                                                             ‫آم ًًنا للقراصنة والمنظمات الإرهابية‪ ،‬مثل تنظيم داعش‪،‬‬

                                                                               ‫وتنظيم القاعدة‪ ،‬وفرعه حركة الشباب‪.‬‬
                                                             ‫إن تكرار تلك الجرائم يزيد الآثار السلبية والتداعيات الخطرة‬
                                                             ‫على الأمن والِ ِّسلم الدوليين؛ نظًًرا لحجم الضرر الذي يلحق‬
                                                             ‫مباشرة بتجارة النفط العالمية؛ حيث يتحَّكَ م المضيق في‬
                                                             ‫الوصول إلى محطات وخطوط النفط المتعددة‪ ،‬من بينها‬
                                                             ‫خط الأنابيب المصري (سوميد) الذي يربط البحر الأحمر‬
                                                             ‫ب(ارلأبحسرااللرمجتاءو السصطا‪،‬ل لحت)‪،‬حوويلمنهاََثإلم تىزايلدطفريفوالقجنت اولبيعبومرنت إكلفريفتقيه‪،‬ا‬
                                                             ‫إضافًًة إلى عرقلة تدفقات النفط الأوروبي وشمال إفريقيا‬
                                                             ‫المَّتَ جه إلى الأسواق الآسيوية عبر قناة السويس وباب‬

                                                                                                               ‫المندب‪.‬‬
                                                             ‫هذا‪ ،‬وإَّنَ التداعيات السلبية لمخاطر التكرار أو تحقق‬
                                                             ‫مخططات الإغلاق يفتح الباب لكثير من التكهنات بتغيير‬
                                                             ‫مسار التجارة الدولية والنقل البحري مما يضعف الدول‬
                                                             ‫المطَّلَ ة عليه اقتصادًّيّ ا‪ ،‬وأن يتحول البحر الأحمر إلى منطقة‬
                                                             ‫صراعات وتدخلات إقليمية ودولية‪ ،‬وكُ ُّل ذلك سيؤِِّدي إلى‬
                                                             ‫تدويل القضية‪ ،‬وفقدان الدول المطلة السيادة والثروات‪،‬‬

                                                                                                      ‫‪150‬‬
   145   146   147   148   149   150   151   152   153   154   155